السبت، 28 ديسمبر 2019
الخميس، 26 ديسمبر 2019
الأربعاء، 25 ديسمبر 2019
الاثنين، 23 ديسمبر 2019
قضية المسلمين الايغور في الصين - خلف يوسف khalaf yousef
قضية المسلمين الايغور في الصين - خلف يوسف khalaf yousef
الأحد، 22 ديسمبر 2019
السبت، 21 ديسمبر 2019
الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019
الأحد، 15 ديسمبر 2019
رحلة الشك 6 أخلاق الالحاد و الاسلام الدكتور إياد قنيبي الجز3
رحلة الشك 6 أخلاق الالحاد و الاسلام الدكتور إياد قنيبي الجز3
السبت، 14 ديسمبر 2019
رحلة الشك 6 :- أخلاق الالحاد و الاسلام الدكتور إياد قنيبي الجز2
رحلة الشك 6 :- أخلاق الالحاد و الاسلام الدكتور إياد قنيبي الجز2 - خلف يوسف
السبت، 7 ديسمبر 2019
الخميس، 5 ديسمبر 2019
الأربعاء، 4 ديسمبر 2019
الأحد، 1 ديسمبر 2019
الأحد، 20 أكتوبر 2019
السبت، 19 أكتوبر 2019
مقارنة بين الله و الانسان _ خلف يوسف khalaf yousef
مقارنة بين الله و الانسان _ خلف يوسف khalaf yousef
الأحد، 6 أكتوبر 2019
دعوة للتفكير"الجبال و الرواسي"جزء2 _ خلف يوسف khalaf yousef
دعوة للتفكير"الجبال و الرواسي"جزء2 _ خلف يوسف khalaf yousef
السبت، 5 أكتوبر 2019
دعوة لإعمال العقل و التفكير الجزء4 _خلف يوسف khalaf yousef
دعوة لإعمال العقل و التفكير الجزء4 _خلف يوسف khalaf yousef
الخميس، 26 سبتمبر 2019
السبت، 27 يوليو 2019
لم تقررالاسرة بعد الاسم الذي سيرافق هذا المولود طيلة حياته ، فمرة يقترحون اسم حسين ، و مرة يقترحون اسم محمد وغيرها من الاسماء الشهيرة ، هكذا حتى إنتهى بهم الامر إلى اختيار إسم ( خلف ) ، إسمٌ نادر بمعنى العوض والاتباع على سنة الماضين بخير ما كانوا عليه من سيرة حسنة ، وقد قرر خلف هذا أن يكتب مذكراته بعمر الاربعين سنة ، وها هو يخط بيده ما أخبرته به أمه عن طفولته المبكرة ، و عن يوم ولادته ، فالأم هي المرجعية المثالية والاوثق للشخص اللذي يريد أن يعرف أي شيء عن طفولته ، إي نعم ، خلفٌ هذا هو أنا بلحمه و دمه ، وقد قررت توثيق وتدوين مذكراتي و قصة حياتي لكي تكون بمثابة مرجعية لمن هو في خصوصيتي واختلافي عن الشائع و المشهور ، ولمن يعتبر نفسه غريباً عن الناس واستثنائياً عن العقل الجمعي و ثقافة القطيع ، أنا أزعم أنني إستثنائي و مختلف عن الشائع ، و سوف يرى القاريء مدى إستثنائيتي عن الغالبية حين يقرأ في طيات هذه الصفحات و بين جنبات هذه السطور مذكراتي التي كتبتها بدموعي ودمي ، فالحياة فيها الحلو و فيها المر ، إلا أن مرارها يأتي غالباً من الناس ، فهي لا ترحم بعضها البعض على الرُغم من تشابههم في طريقة التفكير وتقارب عقلياتهم ، فكيف بها سترحم من هو في غرابتي و واختلافي عنها ؟! .
ما إن بلغتُ سن العام و نصف حتى كانت أُمي حاملاً بشقيقتي التي تصغرني بعامين ، فلم يكن والدي يوفرأو يضيع أي مجهودٍ أو وقت ، و والدتي المسكينة تحمل على عاتقها هم التربية و تنشئة أبنائها بأفضل نشئة و تربية ، بالاضافة إلى توفير لقمة العيش و تكاليف المدارس الحكومية ، و والدي البائس الحيران لم يجد حوله رجلاً عاقلاً ومنطقياً ليرشده و يبدي له النصح والتوجيه ، كأن ينصحه مثلاً بمباعدة فترات الحمل ، أو توفيرالدخل المناسب الذي من شأنه إعالة أسرته بشكل يتيح لهم وقت لتربية و تنشئة أبنائهم خير نشئة قبل أن ينهمك في الجنس والانجاب ، و قد ترتب على ذلك إضطرار والدتي إلى العمل بالحياكة و صناعة أهداب للكوفيات العربية الاردنية ، وكانت تجني بذلك دخلاً لا بأس به ، إلا أنه لم يكن كافياً ، أو لنقل كان يوفر أبسط متطلبات الحياة من مأكل و ملبس و مسكن ، وكانت تجتهد في طلب الرزق بكل عزة نفس وكبرياء دون أن تمد يدها و تطلب من الناس إلحافاً، أي نعم ، كانت والدتي ــ ولا زالت ــ نموذجاً للمرأة العربية الحرة المجاهدة و المثابرة و العنيدة ، و كذلك كان والدي ، إلا أنه كان ضحية من ضحايا المجتمعات الجاهلة بأساسيات إنشاء الاسرة ، ومع هذا إجتهد في تغيير و تطوير مصادر الدخل لديه ، ولكن بسبب طيبته الزائدة و ثقته العمياء في من حوله من الناس وقع ضحية الاستغلال من أقربهم إليه ، كأشقاء والدتي ( أخوالي ) ، فمرة طلب والدي من أحدهم أن يقوم بدفع أقساط سيارة كان قد اشتراها قبيل تقاعده ، وكان يبعث إليه بأقساط ثمنها كل شهر، و من المفترض أن يقوم خالي بدفع تلك الأقساط لمستحقيها ، و بعد فترة يتصل صاحب السيارة على والدي وهو غضبان و عتبان بسبب تأخره عن دفع الاقساط ، فرد عليه والدي أنه كان يبعثها مع نسيبه إليه ، فأنكر الرجل ذلك و قال لم يصلني شيء من تلك الاقساط ، و تبين لاحقاً أن خالي لم يكن يدفع أيَّاً من تلك الاقساط ، بل كان يضعها في جيبه ، و قد بلغت قيمة الاقساط الــخمسمائة دينار ، و هذا المبلغ يعدل أضعاف أضعاف قيمته في هذه الايام ، مما إضطر والدي إلى دفع المبلغ لمستحقيها مرة أخرى ، ولم يستطع والدي أن يحصل من خالي ما سرقه منه ، خشية من أن يثير فضيحة ، و كذلك خالي الاكبر فعل مع والدي نفس ما فعله الاول ، ولكن هذه المرة في شراء قطعة أرض بمساحة ( دونم ) كامل ، فكان على خالي أن يدفع ثمن الارض و يسجلها بإسمه إلى حين تقاعد والدي و البدء ببناء البيت ، و النتيجة أن خالي أكل المبلغ مع نصف قطعة الارض ، وكان حاجَّاً معتمراً و مصلياً و قارئاً للقرآن ، و عمتي ــ زوجته ـــ كانت تقره بما يفعل مع الاسف ، و أنا ــ خلال هذه السنين ـــ لم أكن على علم بهذه الامور إلا لاحقاً ، فكنت كأي طفل بريء تلقائي ساذج لا يفكر إلا باللعب و فضول إستكشاف الاشياء ، و كلي طاقة و حيوية وحباً للألوان و الازهار و الاشياء الزاهية اللمَّاعة ، وكنتُ أعشق أجواء الفرح و الاعراس ولا أترك عرساً أو فرحاً إلا حرصتُ كل الحرص على حضوره ، لقد كنت ــ ولا زلت ــ أستمتع بأجواء الفرح و الابتهاج ، و كنت أحزن لانتهائها ؛ إي نعم ، لقد بلغت سن العام و نصف ، و انتقلنا لاحقاً إلى قرية في ضواحي مدينة إربد ، عروس الشمال الاردني ، و كانت بدايات طفولتي و نشأتي هناك ، أعشق الاشياء التي تفرح و تدخل على القلب المسرة ، كنت أ حب الضحك ، و أحب أن أدخله على من حولي ، وكنت بالمقابل أتأثر بأي منظر محزن ، و أشفق لأي إنسان بائس لا يجد ما يسد جوعه ، ولا يجد حذاء يرفع قدميه عن حر الرمضاء و زمهرير الشتاء ، وحين ارى أحد هؤلاء البائسين ، كنت أظن نفسي بأنني أفضل حالٍ منه و من غيره ، و لربما كنت كذلك ، ولكن في النهاية الحاجة و الفاقة لا دين لها .
ما إن بلغتُ سن العام و نصف حتى كانت أُمي حاملاً بشقيقتي التي تصغرني بعامين ، فلم يكن والدي يوفرأو يضيع أي مجهودٍ أو وقت ، و والدتي المسكينة تحمل على عاتقها هم التربية و تنشئة أبنائها بأفضل نشئة و تربية ، بالاضافة إلى توفير لقمة العيش و تكاليف المدارس الحكومية ، و والدي البائس الحيران لم يجد حوله رجلاً عاقلاً ومنطقياً ليرشده و يبدي له النصح والتوجيه ، كأن ينصحه مثلاً بمباعدة فترات الحمل ، أو توفيرالدخل المناسب الذي من شأنه إعالة أسرته بشكل يتيح لهم وقت لتربية و تنشئة أبنائهم خير نشئة قبل أن ينهمك في الجنس والانجاب ، و قد ترتب على ذلك إضطرار والدتي إلى العمل بالحياكة و صناعة أهداب للكوفيات العربية الاردنية ، وكانت تجني بذلك دخلاً لا بأس به ، إلا أنه لم يكن كافياً ، أو لنقل كان يوفر أبسط متطلبات الحياة من مأكل و ملبس و مسكن ، وكانت تجتهد في طلب الرزق بكل عزة نفس وكبرياء دون أن تمد يدها و تطلب من الناس إلحافاً، أي نعم ، كانت والدتي ــ ولا زالت ــ نموذجاً للمرأة العربية الحرة المجاهدة و المثابرة و العنيدة ، و كذلك كان والدي ، إلا أنه كان ضحية من ضحايا المجتمعات الجاهلة بأساسيات إنشاء الاسرة ، ومع هذا إجتهد في تغيير و تطوير مصادر الدخل لديه ، ولكن بسبب طيبته الزائدة و ثقته العمياء في من حوله من الناس وقع ضحية الاستغلال من أقربهم إليه ، كأشقاء والدتي ( أخوالي ) ، فمرة طلب والدي من أحدهم أن يقوم بدفع أقساط سيارة كان قد اشتراها قبيل تقاعده ، وكان يبعث إليه بأقساط ثمنها كل شهر، و من المفترض أن يقوم خالي بدفع تلك الأقساط لمستحقيها ، و بعد فترة يتصل صاحب السيارة على والدي وهو غضبان و عتبان بسبب تأخره عن دفع الاقساط ، فرد عليه والدي أنه كان يبعثها مع نسيبه إليه ، فأنكر الرجل ذلك و قال لم يصلني شيء من تلك الاقساط ، و تبين لاحقاً أن خالي لم يكن يدفع أيَّاً من تلك الاقساط ، بل كان يضعها في جيبه ، و قد بلغت قيمة الاقساط الــخمسمائة دينار ، و هذا المبلغ يعدل أضعاف أضعاف قيمته في هذه الايام ، مما إضطر والدي إلى دفع المبلغ لمستحقيها مرة أخرى ، ولم يستطع والدي أن يحصل من خالي ما سرقه منه ، خشية من أن يثير فضيحة ، و كذلك خالي الاكبر فعل مع والدي نفس ما فعله الاول ، ولكن هذه المرة في شراء قطعة أرض بمساحة ( دونم ) كامل ، فكان على خالي أن يدفع ثمن الارض و يسجلها بإسمه إلى حين تقاعد والدي و البدء ببناء البيت ، و النتيجة أن خالي أكل المبلغ مع نصف قطعة الارض ، وكان حاجَّاً معتمراً و مصلياً و قارئاً للقرآن ، و عمتي ــ زوجته ـــ كانت تقره بما يفعل مع الاسف ، و أنا ــ خلال هذه السنين ـــ لم أكن على علم بهذه الامور إلا لاحقاً ، فكنت كأي طفل بريء تلقائي ساذج لا يفكر إلا باللعب و فضول إستكشاف الاشياء ، و كلي طاقة و حيوية وحباً للألوان و الازهار و الاشياء الزاهية اللمَّاعة ، وكنتُ أعشق أجواء الفرح و الاعراس ولا أترك عرساً أو فرحاً إلا حرصتُ كل الحرص على حضوره ، لقد كنت ــ ولا زلت ــ أستمتع بأجواء الفرح و الابتهاج ، و كنت أحزن لانتهائها ؛ إي نعم ، لقد بلغت سن العام و نصف ، و انتقلنا لاحقاً إلى قرية في ضواحي مدينة إربد ، عروس الشمال الاردني ، و كانت بدايات طفولتي و نشأتي هناك ، أعشق الاشياء التي تفرح و تدخل على القلب المسرة ، كنت أ حب الضحك ، و أحب أن أدخله على من حولي ، وكنت بالمقابل أتأثر بأي منظر محزن ، و أشفق لأي إنسان بائس لا يجد ما يسد جوعه ، ولا يجد حذاء يرفع قدميه عن حر الرمضاء و زمهرير الشتاء ، وحين ارى أحد هؤلاء البائسين ، كنت أظن نفسي بأنني أفضل حالٍ منه و من غيره ، و لربما كنت كذلك ، ولكن في النهاية الحاجة و الفاقة لا دين لها .
الأحد، 21 يوليو 2019
يوم مولدي .....
في ليلة جمعة من شتاء عام 1974 ، و في مدينة الرمثا الاردنية المتاخمة للحدود السورية ، امطار تهطل بغزارة مبللةً جدران و اسطح البيوت الطينية القديمة ، و ( موتورسيكل ) عسكري قديم يخترق صوته خرير مياه المطر الغزيرالممزوج بهدير الرعد يعبر الطرقات المليئة بالبرك المائية بسبب الحفر ، ورجل ـ يبدوعليه القلق و التوتر ـ يركب في العربة الجانبية للــ (موتوسيكل ) ويطلب من السائق بأن يسرع ، لأن زوجته في البيت على وشك ان تلد ، و يجب عليه أن يجد قابلة قانونية ( داية ) بسرعة ، و بعد بحث طويل و مضني لم يجدوا اي قابلة في المدينة ، فخرجوا إلى القرى المحيطة حتى إنتهى بهم المطاف إلى قرية نائية إسمها قرية ( الطرة ) ، و وجدوا هناك قابلة قانونية ، إمرأة في الخمسينيات من عمرها ، و بعد رجاء طويل و توسل إليها وافقت القابلة بالذهاب معهم إلى بيت الرجل ولكن إشترطت أن يرافقها زوجها في سيارتهم الخاصة ، ثم إنطلق الجميع إلى بيت الرجل حيث المرأة الوالدة تنتظر وهي تعاني من الم المخاض ، ولكن لم يكن الم المخاض وحده ما تعاني منه ، بل ومن ألم الفقر والحاجة ، ولأن مولودها هذا سيكون الثامن بين إخوته ، و بسبب الفقر والفاقة حاولت أن تجهضه ، كما حاولت من قبل مع باقي أبنائها و بناتها السبعة ، و ستحاول لاحقاً مع موالديها الستة القادمين دون ان تفلح بإجهاض اي مولود منهم ، ولكن في هذا المولود حاولت كل جهدها بأن تتخلص منه و بشتى الوسائل ، حتى أنها إضطرت لتناول الادوية تسبب الاجهاض ، و قد حقنت نفسها بستة عشرحقنة تساعد على الاجهاض دون فائدة ، ولجأت أيضاً إلى القفز من على سطح البيت على امل أن تنجح ، ولكن بائت جميع محاولاتها بالفشل ، أي نعم ، لقد قفزت من على سطح البيت ، ذلك البيت الذي يحوي غرفة واحدة فقط ، هي نفسها غرفة النوم وغرفة الضيوف والحمام ، و زوج عسكري لا يتقن في حياته إلا قيادة جميع السيارات وممارسة الجنس مع زوجته ! ، دون ان يأخذ بعين الاعتبار ثمرة هذا الجنس و ما يمكن أن تؤول إليه الامور إن لم يوفر مصدراً للرزقٍ الإضافي ، وعائلة مكونة من سبعة ابناء و بنات و ثامنهم المولود الجديد ، ولا يوجد مصدر دخل إلا راتبه ، و بنفس الوقت كان يغيب عن البيت فترات طويلة تصل في بعض الاحيان لأشهر ، وكأنه يريد بغيابه هذا أن يهرب من واقعه المرير إلى وهم احلام اليقظة و التمني ، لتلك الاسباب كانت هذه المرأة يائسة و بائسة .
بقيت هذه المرأة في مخاضها إلى أن اذن موعد صلاة الجمعة متزامناً مع أذان القابلة معلنة ومبشرة بقدوم مولود ذكر رغماً عن كل شيء ، ومتحدياً لجميع الظروف الصعبة ، وكأنه خرج إلى هذه الدنيا عناداً بها ، خرج وهو بصحة جيدة وكله نهم للحياة رغم صعابها و قسوتها وظلمها و شحها ، خرج معلناً بلسان حاله التمرد على البؤس والحرمان والفاقة ، وقد تلقى الوالد هذا الخبر بفرحة غامرة شاركه بها الجيران الذين إنهالوا على هذه الاسرة بالهدايا و الطعام بصنوفه المختلفة ، وكأن لهذا المولود خاصية معينة بشكل أو بآخر ، لدرجة أن الجارة أم يوسف الشرع تبرعت بأن تشارك الوالدة إرضاع مولودها لعامين كاملين ، فقد كانت هي الأخرى حديثة الولادة ؛ أم يوسف ، تلك الجارة الرائعة التي كانت لهذه السيدة كالاخت ، و للمولود كالام بعد أمه ، و لم تفارق أم يوسف هذه العائلة طيلة مكوثها في المدينة لا تتركهم إلا لضرورات بيتها وابنائها .
في ليلة جمعة من شتاء عام 1974 ، و في مدينة الرمثا الاردنية المتاخمة للحدود السورية ، امطار تهطل بغزارة مبللةً جدران و اسطح البيوت الطينية القديمة ، و ( موتورسيكل ) عسكري قديم يخترق صوته خرير مياه المطر الغزيرالممزوج بهدير الرعد يعبر الطرقات المليئة بالبرك المائية بسبب الحفر ، ورجل ـ يبدوعليه القلق و التوتر ـ يركب في العربة الجانبية للــ (موتوسيكل ) ويطلب من السائق بأن يسرع ، لأن زوجته في البيت على وشك ان تلد ، و يجب عليه أن يجد قابلة قانونية ( داية ) بسرعة ، و بعد بحث طويل و مضني لم يجدوا اي قابلة في المدينة ، فخرجوا إلى القرى المحيطة حتى إنتهى بهم المطاف إلى قرية نائية إسمها قرية ( الطرة ) ، و وجدوا هناك قابلة قانونية ، إمرأة في الخمسينيات من عمرها ، و بعد رجاء طويل و توسل إليها وافقت القابلة بالذهاب معهم إلى بيت الرجل ولكن إشترطت أن يرافقها زوجها في سيارتهم الخاصة ، ثم إنطلق الجميع إلى بيت الرجل حيث المرأة الوالدة تنتظر وهي تعاني من الم المخاض ، ولكن لم يكن الم المخاض وحده ما تعاني منه ، بل ومن ألم الفقر والحاجة ، ولأن مولودها هذا سيكون الثامن بين إخوته ، و بسبب الفقر والفاقة حاولت أن تجهضه ، كما حاولت من قبل مع باقي أبنائها و بناتها السبعة ، و ستحاول لاحقاً مع موالديها الستة القادمين دون ان تفلح بإجهاض اي مولود منهم ، ولكن في هذا المولود حاولت كل جهدها بأن تتخلص منه و بشتى الوسائل ، حتى أنها إضطرت لتناول الادوية تسبب الاجهاض ، و قد حقنت نفسها بستة عشرحقنة تساعد على الاجهاض دون فائدة ، ولجأت أيضاً إلى القفز من على سطح البيت على امل أن تنجح ، ولكن بائت جميع محاولاتها بالفشل ، أي نعم ، لقد قفزت من على سطح البيت ، ذلك البيت الذي يحوي غرفة واحدة فقط ، هي نفسها غرفة النوم وغرفة الضيوف والحمام ، و زوج عسكري لا يتقن في حياته إلا قيادة جميع السيارات وممارسة الجنس مع زوجته ! ، دون ان يأخذ بعين الاعتبار ثمرة هذا الجنس و ما يمكن أن تؤول إليه الامور إن لم يوفر مصدراً للرزقٍ الإضافي ، وعائلة مكونة من سبعة ابناء و بنات و ثامنهم المولود الجديد ، ولا يوجد مصدر دخل إلا راتبه ، و بنفس الوقت كان يغيب عن البيت فترات طويلة تصل في بعض الاحيان لأشهر ، وكأنه يريد بغيابه هذا أن يهرب من واقعه المرير إلى وهم احلام اليقظة و التمني ، لتلك الاسباب كانت هذه المرأة يائسة و بائسة .
بقيت هذه المرأة في مخاضها إلى أن اذن موعد صلاة الجمعة متزامناً مع أذان القابلة معلنة ومبشرة بقدوم مولود ذكر رغماً عن كل شيء ، ومتحدياً لجميع الظروف الصعبة ، وكأنه خرج إلى هذه الدنيا عناداً بها ، خرج وهو بصحة جيدة وكله نهم للحياة رغم صعابها و قسوتها وظلمها و شحها ، خرج معلناً بلسان حاله التمرد على البؤس والحرمان والفاقة ، وقد تلقى الوالد هذا الخبر بفرحة غامرة شاركه بها الجيران الذين إنهالوا على هذه الاسرة بالهدايا و الطعام بصنوفه المختلفة ، وكأن لهذا المولود خاصية معينة بشكل أو بآخر ، لدرجة أن الجارة أم يوسف الشرع تبرعت بأن تشارك الوالدة إرضاع مولودها لعامين كاملين ، فقد كانت هي الأخرى حديثة الولادة ؛ أم يوسف ، تلك الجارة الرائعة التي كانت لهذه السيدة كالاخت ، و للمولود كالام بعد أمه ، و لم تفارق أم يوسف هذه العائلة طيلة مكوثها في المدينة لا تتركهم إلا لضرورات بيتها وابنائها .
الاشتراك في:
التعليقات (Atom)
